سيري على آيفون قد يتم استبدالها: هل نحن على أعتاب عصر جديد من المساعدات الذكية؟
منذ أكثر من عقد من الزمن، قدمت شركة آبل للعالم “سيري”، المساعد الصوتي الذكي الذي أحدث نقلة نوعية في طريقة تفاعل المستخدمين مع أجهزتهم المحمولة. لكن مع التطور الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الأخيرة، بدأت الأصوات تتعالى بشأن ما إذا كانت “سيري” لا تزال تفي بالغرض، أم أن وقت التغيير قد حان، خصوصًا مع ظهور تقارير وتسريبات قوية تفيد بأن شركة آبل تعمل حاليًا على تطوير مساعد صوتي جديد أكثر ذكاءً وحداثة، وقد يحل محل سيري في المستقبل القريب.
سيري: البداية والقيود
عند إطلاق “سيري” لأول مرة في عام 2011، كانت ثورة حقيقية في عالم المساعدات الرقمية. تمكّن المستخدم من تنفيذ أوامر صوتية مثل إرسال الرسائل، إجراء المكالمات، معرفة حالة الطقس، أو البحث في الإنترنت فقط من خلال الكلام. لكن رغم هذا السبق، ظلت سيري محدودة في قدراتها، حيث تعتمد على أوامر ثابتة وصيغ محددة، مما يقيّد تجربتها مقارنة بالمنافسين.
على مدار السنوات، تلقت سيري تحديثات عديدة، لكنها لم تصل أبدًا إلى المستوى الذي يتوقّعه المستخدمون في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي. ونتيجة لذلك، أصبحت سيري تُقارن بمساعدين أكثر تطورًا مثل “جوجل أسيستنت” و”أمازون أليكسا”، بل وحتى روبوتات المحادثة الجديدة مثل ChatGPT وClaude وGemini التي غيرت شكل التفاعل مع الأجهزة والأنظمة.
صعود الذكاء الاصطناعي التوليدي
في السنوات الأخيرة، شهد العالم طفرة كبيرة في تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، والذي يتيح للمساعدات الرقمية فهم السياق، إنتاج إجابات مفصلة، التفاعل مع اللغة الطبيعية، وحتى التعلم من سلوك المستخدم. هذا النوع من الذكاء الاصطناعي لا يعتمد فقط على قاعدة بيانات من الردود المبرمجة، بل على قدرة تحليلية تسمح له بالتفكير والاستنتاج، الأمر الذي يجعل من المساعدين الجدد أدوات فائقة الذكاء مقارنة بسيري التقليدية.
وفي ظل هذا التطور المتسارع، بدأت آبل تشعر بضرورة إعادة النظر في سيري. فالمنافسة لم تعد محصورة بين شركات التكنولوجيا الكبرى فحسب، بل أصبح المستخدم العادي يملك الآن نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة على هاتفه قادرة على كتابة محتوى، تلخيص مستندات، برمجة، إنشاء صور، وتقديم توصيات دقيقة، وكل ذلك بشكل لحظي وسلس.
التقارير والتسريبات: آبل تطور مساعدًا جديدًا
بحسب تقارير مسرّبة من داخل شركة آبل، تعمل الشركة على تطوير مساعد ذكي جديد كليًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي. هذا المساعد سيكون أكثر ذكاءً ومرونة من سيري، وسيتم دمجه بشكل عميق في أنظمة iOS وmacOS، وربما يُطلق عليه اسم جديد أو يكون جزءًا من مشروع “Apple Intelligence” الذي تنوي آبل الكشف عنه في مؤتمر المطورين العالمي WWDC 2025.
المساعد الجديد سيملك قدرات تحليلية متقدمة، وسيفهم اللغة الطبيعية بشكل يشبه البشر، ويستطيع إجراء محادثات معقدة، وتقديم اقتراحات مخصصة حسب سلوك المستخدم واهتماماته، وهو ما يمثل نقلة نوعية في تجربة آيفون بالكامل.
ماذا يعني استبدال سيري للمستخدمين؟
إذا قررت آبل بالفعل استبدال سيري، فإن ذلك سيشكل تحوّلًا جذريًا في طريقة استخدام أجهزة آيفون. لن يضطر المستخدم إلى حفظ أوامر صوتية محددة مثل “افتح الموسيقى” أو “ذكرني بمهمة”، بل سيتمكن من التحدث مع هاتفه وكأنه يتحدث إلى شخص حقيقي، مثل أن يقول:
“أحتاج ملخصًا سريعًا لاجتماع اليوم وإرسال رسالة لفريقي بالمستجدات.”
هذا التغيير سيجعل من المساعد الجديد أداة يومية لا غنى عنها، ليس فقط في الأمور البسيطة، بل في المهام المعقدة مثل كتابة رسائل البريد، اقتراح عناوين محتوى، متابعة الصحة، وحتى المساعدة في التعلم أو الترفيه.
التحديات التي تواجه آبل
رغم أن فكرة استبدال سيري بمساعد ذكي جديد تبدو واعدة، إلا أن هناك العديد من التحديات التي قد تواجه آبل في تنفيذها، وأبرزها:
- الخصوصية: تشتهر آبل بتركيزها الكبير على حماية خصوصية المستخدمين، وأي مساعد جديد يجب أن يحافظ على هذه المبادئ، حتى مع وجود الذكاء الاصطناعي السحابي.
- دعم اللغات واللهجات: سيري تدعم حاليًا عشرات اللغات واللهجات المحلية، واستبدالها يتطلب إعادة برمجة تلك الخصائص مع المساعد الجديد.
- تقبّل المستخدمين: كثير من المستخدمين معتادون على سيري، وأي تغيير كبير قد يتطلب فترة تكيّف واستيعاب.
- الموارد والمعالجة المحلية: هل سيكون المساعد الجديد قادرًا على العمل على الجهاز نفسه دون الحاجة للاتصال الدائم بالإنترنت؟ هذا أمر مهم للحفاظ على الأداء السريع.
سيري لن تختفي تمامًا… بل قد تتطور
في ظل هذه التحديات، من غير المرجح أن تقوم آبل بحذف سيري بالكامل. بل الأقرب أنها ستقوم بدمج سيري ضمن نظام ذكاء اصطناعي أشمل تحت اسم “Apple Intelligence”، بحيث تصبح سيري مجرد واجهة للوصول إلى القدرات الجديدة، أو تحصل على تحديثات جذرية تجعلها أكثر ذكاء وتفاعلًا، مع الحفاظ على اسمها المعروف.
متى سيتم الإعلان عن هذه التغييرات؟
من المتوقع أن تكشف شركة آبل خلال مؤتمرها السنوي للمطورين WWDC 2025، والذي يُعقد عادة في شهر يونيو من كل عام، عن نسخة جديدة أو تحديث كبير للمساعد الصوتي الخاص بها “سيري”. يعد هذا الحدث من أبرز الفعاليات التقنية العالمية التي تجمع مطوري التطبيقات والمهتمين بتقنيات آبل، ويُعتبر منصة مثالية للشركة لعرض أحدث ابتكاراتها في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الذكية.
يتوقع الخبراء أن يحمل التحديث القادم لسيري تحسينات كبيرة في قدرة المساعد على فهم اللغة الطبيعية والتفاعل بشكل أكثر سلاسة مع المستخدمين، مع تعزيز الخصوصية والأمان اللذين تشتهر بهما آبل. كما يُتوقع دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي قد تُتيح لسيري أداء مهام أكثر تعقيداً، مثل إدارة المهام اليومية بشكل أكثر ذكاءً، وتقديم اقتراحات مخصصة تعتمد على سلوك المستخدم واحتياجاته.
في الختام: هل نحن أمام ثورة جديدة من آبل؟
مع صعود الذكاء الاصطناعي وتغير توقعات المستخدمين، يبدو أن سيري في شكلها الحالي لم تعد تواكب التقدم الحاصل. وإذا صدقت التوقعات وتم استبدالها بمساعد أكثر ذكاءً وتطورًا، فإن ذلك سيكون لحظة مفصلية في تاريخ أجهزة آبل، وقد يغيّر طريقة تفاعل الملايين مع هواتفهم وأجهزتهم الذكية.
يبقى السؤال:
هل أنتم مستعدون لوداع سيري واستقبال المساعد الجديد الذي سيتحدث معكم كما لو كان إنسانًا؟