الأجهزة والمقارنات

ايفون Air: هل خدعت آبل المستخدمين بشأن سُمكه القياسي؟

منذ إعلان آبل عن ايفون Air، ركّزت الشركة في رسائلها الإعلانية على نقطة واحدة: أنه أنحف آيفون في التاريخ. الرقم الذي عرضته آبل في موقعها الرسمي هو 5.64 ملم، وهو بالفعل رقم مثير للإعجاب في عالم الهواتف الذكية. لكن بعد فترة قصيرة، بدأت الأسئلة تظهر: هل هذا القياس دقيق فعلاً؟ وهل يعبّر عن السُّمك الحقيقي للجهاز؟

الجواب قد يفاجئ البعض، لأن الحقيقة تختلف عمّا تعرضه آبل في الإعلانات.

كيف قدّمت آبل الفكرة للمستخدمين

آبل معروفة بقدرتها على صياغة رسائلها بطريقة ذكية. في العرض الرسمي، تحدّثت الشركة عن “تصميم فائق النحافة” يجعل الهاتف يبدو خفيفًا وسهل الحمل. الصورة التي رافقت الإعلان أظهرت جهازًا مسطحًا تمامًا من الجانب، مع تأكيد على الرقم 5.64 ملم.
لكن ما لم توضحه الشركة هو أن هذا الرقم لا يشمل بروز الكاميرا الخلفية. بمعنى آخر، آبل قاست السُّمك فقط من جسم الهاتف نفسه، وتجاهلت الجزء الذي تخرج منه عدسات الكاميرا.

السُّمك الحقيقي مختلف

آيفون Air تصميم نحيف بذكاء وإصلاح أسهل من المتوقع

عند قياس الجهاز بشكل كامل — من الشاشة الأمامية إلى أعلى نقطة في الكاميرا الخلفية — يصل السُّمك الفعلي إلى حوالي 11.81 ملم. وهذا فرق كبير جدًا عن الرقم الذي ذكرته آبل.
قد يبدو الفرق بسيطًا من حيث الأرقام، لكن في تجربة الاستخدام اليومية، هذا البروز يجعل الهاتف أقل توازنًا على الأسطح، ويؤثر على الإحساس العام بالنحافة.

عندما تضع الهاتف على طاولة مثلًا، ستلاحظ أنه لا يستقر بشكل مسطح. الجزء البارز من الكاميرا يجعله مائلًا قليلًا، وهو أمر شائع في معظم هواتف آبل الحديثة، لكن في حالة ايفون Air، يبدو التناقض واضحًا أكثر لأن التسويق ركّز على “السُّمك القياسي”.

لماذا تعتمد آبل هذا الأسلوب؟

الجواب بسيط: التسويق.
آبل تريد أن تبرز جهازها كتحفة تصميمية، خصوصًا بعد سلسلة طويلة من الإصدارات التي لم تشهد تغييرات كبيرة في الشكل الخارجي. عندما تقول الشركة إن هاتفها “الأرق في التاريخ”، فهي تخلق انطباعًا قويًا لدى المستخدمين حتى قبل لمس الجهاز.
لكن من الناحية التقنية، هناك فرق بين “نحافة التصميم” و”السُّمك الكامل”.
آبل تعتمد قياسات جسم الهاتف فقط — وهو أمر قانوني ومعتاد في الصناعة — لكنها لا توضّح ذلك للمستخدم بوضوح كافٍ، مما يجعل كثيرين يظنون أن الرقم يشمل الكاميرا.

هذا المقال قد يهمك أيضا: اضغط لفتحه
مواصفات و مميزات الآيفون 13 برو وسعره

مقارنة مع أجهزة آيفون السابقة

إذا قارنا ايفون Air مع ايفون 15 مثلًا، سنلاحظ أن جسم الجهاز الجديد فعلاً أرقّ. لكن عندما نحسب الكاميرا، يصبح الفرق أقل بكثير.
ايفون 15 يبلغ سُمكه حوالي 7.8 ملم، ومع الكاميرا يصل إلى قرابة 11 ملم.
ايفون Air، رغم أنه “أرقّ” في الجسم، إلا أن كاميرته البارزة تجعل السمك الكلي متقاربًا جدًا، أي أن الفارق في التجربة اليومية ليس كبيرًا كما توحي الإعلانات.

هل يمكن اعتبار ما فعلته آبل “خداعًا”؟

الكلمة “خداع” قد تبدو قاسية، لكن لا يمكن إنكار أن طريقة العرض كانت مضللة إلى حد ما.
آبل لم تكذب بشكل مباشر، لكنها اختارت أن تُظهر جزءًا من الحقيقة فقط.
الشركة تعرف جيدًا أن المستخدمين العاديين لن يدققوا في تفاصيل القياسات، بل سيأخذون المعلومة كما هي. ومع تكرار عبارة “أنحف آيفون في التاريخ” في الإعلانات ومقاطع الفيديو، يترسخ هذا الانطباع دون أن يسأل أحد عن التفاصيل.

الكاميرا أصبحت التحدي الأكبر في تصميم الآيفون

جزء كبير من السبب يعود إلى الكاميرا نفسها.
آبل طوّرت عدساتها ومستشعراتها خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير، وهذا تطلّب مساحة أكبر داخل الهيكل.
ومع الحفاظ على النحافة العامة للجسم، لم يكن أمام الشركة خيار سوى إبراز الكاميرا إلى الخارج.
وهنا يظهر التناقض: كلما أصبحت الكاميرا أقوى، أصبح من الصعب جعل الهاتف “نحيفًا” من الناحية الفعلية.

هذا لا يعني أن التصميم سيئ، بل بالعكس، الجهاز يبدو أنيقًا ومتوازنًا بصريًا. لكن القياس العددي الذي تروّج له الشركة لا يعكس التجربة الواقعية بدقة.

كيف يؤثر ذلك على المستخدم؟

بالنسبة للمستخدم العادي، هذه التفاصيل قد لا تغيّر كثيرًا في التجربة اليومية.
الهاتف لا يزال خفيفًا وأنيقًا، والكاميرا تقدم أداءً ممتازًا. لكن المشكلة تكمن في التوقعات.
عندما تشتري جهازًا وأنت مقتنع بأنه “أنحف آيفون في التاريخ”، ثم تكتشف أن الكاميرا تضيف ضعف السُّمك تقريبًا، قد تشعر بأنك لم تحصل على ما وُعدت به.

هذا المقال قد يهمك أيضا: اضغط لفتحه
هل أصبح آيفونك أو ساعة آبل قديمين؟ هذان المنتجان انضما لقائمة الأجهزة العتيقة من آبل

من ناحية أخرى، بعض المستخدمين لا يهتمون بهذه التفاصيل طالما الأداء والتصميم العام جيد. لكن الشفافية في الأرقام تبقى مهمة، خصوصًا في سوق يعتمد كثيرًا على الصورة والانطباع الأول.

هل هذا يغيّر من مكانة ايفون Air؟

ليس بالضرورة.
ايفون Air يبقى خطوة جريئة من آبل في اتجاه تصميم خفيف وحديث.
لكن من الأفضل أن يُقدَّم للمستخدم على حقيقته: هاتف نحيف من الأمام، لكنه ليس أنحف جهاز بالكامل عند احتساب الكاميرا.
الصدق في التفاصيل الصغيرة يجعل الثقة أقوى بين الشركة والمستخدمين، خصوصًا في زمن أصبحت فيه المعلومات التقنية متاحة للجميع.

ما الذي يمكن أن تفعله آبل لاحقًا؟

قد تحاول آبل في الأجيال القادمة تقليل بروز الكاميرا عبر حلول هندسية مثل:

  • دمج العدسات داخل الجسم بشكل أعمق.
  • استخدام تقنيات تصوير جديدة تقلل من حجم المستشعرات.
  • أو تطوير مواد تجعل الجهاز أكثر صلابة دون الحاجة لسمك إضافي.

لكن حتى ذلك الحين، يبدو أن تصميم الكاميرا البارزة سيبقى جزءًا من هوية الآيفون، مهما حاولت الشركة إخفاء أثره بالأرقام.

عندما تقول آبل إن ايفون Air هو “أنحف آيفون في التاريخ”، فهي لا تكذب، لكنها لا تخبرك بكل القصة.
الرقم 5.64 ملم صحيح من الناحية الهندسية لجسم الجهاز، لكن السُّمك الفعلي مع الكاميرا يتجاوز 11 ملم، ما يجعل الوصف “أنحف على الإطلاق” غير دقيق في التجربة الواقعية.

في النهاية، التصميم جميل، الأداء ممتاز، لكن الشفافية ضرورية. المستخدم اليوم أكثر وعيًا مما تتخيل الشركات، وأي محاولة لتجميل الحقيقة سرعان ما تنكشف.

قد لا يكون ايفون Air “أنحف آيفون في التاريخ” فعلاً، لكنه بالتأكيد من أكثر الأجهزة أناقة في تاريخ آبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *