المغناطيس وبطارية الآيفون… هل هناك خطر فعلاً أم مجرد إشاعة؟

تزداد الأسئلة يومًا بعد يوم حول مدى تأثير المغناطيس وبطارية الآيفون، خصوصًا بعد انتشار الملحقات المغناطيسية مثل الشواحن اللاسلكية والبطاريات المحمولة التي تلتصق مباشرة بظهر الجهاز. ومع كثرة ما يُقال في مواقع التواصل، أصبح من السهل أن تختلط الحقائق بالانطباعات، وأن نسمع آراءً مختلفة حول مدى خطورة استخدام هذه الملحقات. لذلك، قررنا توضيح الصورة بشكل كامل، وبأسلوب بسيط وواضح يساعدنا على فهم ما إذا كان المغناطيس يشكل خطرًا على بطارية الآيفون فعلًا أم أن الأمر مجرد إشاعة تكررت حتى بدت وكأنها حقيقة.
ما يجب أن نعرفه أولًا هو أن بطارية الآيفون مبنية على تقنية الليثيوم أيون، وهي تقنية لا تتأثر ذاتيًا بالمغناطيس. هذه مسألة مهمة، لأنها تُسقط جزءًا كبيرًا من المخاوف المنتشرة. ومع ذلك، يبقى السؤال: إذا كان المغناطيس نفسه لا يؤثر مباشرة في البطارية، فما الذي يجعل البعض يعتقد أنه يشكل خطرًا؟ الجواب يرتبط بعوامل مرافقة لا علاقة لها بالمغناطيس بحد ذاته، بل بطريقة استخدامه والظروف التي تأتي معه، مثل الحرارة أو قرب المغناطيس من بعض المكوّنات الحساسة.
في هذا المقال، سنشرح كل جانب من هذه الجوانب بتفصيل واضح، حتى نستطيع جميعًا تقييم الأمور بطريقة منطقية، بعيدًا عن المبالغات أو المعلومات غير الدقيقة.
المغناطيس وبطارية الآيفون: الفهم الصحيح لتجنب أي ضرر
بطاريات الليثيوم أيون في الآيفون تعتمد على تفاعلات كيميائية داخل خلايا مغلقة ومحكمة التصميم. هذه الخلايا لا تحتوي على أجزاء تتحرك أو عناصر يمكن أن يجرّها أو يؤثر فيها المجال المغناطيسي. بمعنى آخر، لا يوجد داخل البطارية ما يمكن للمغناطيس أن يجذبه أو يغيّر وضعه، ولهذا السبب لا يحدث أي تأثير مباشر على البطارية عند وضع مغناطيس بجوار الهاتف.
التفاعلات الداخلية في البطارية تعتمد بالكامل على حركة الإلكترونات داخل الخلايا، وهذا النوع من السريان الكهربائي لا يتأثر بالمغناطيس الذي نستخدمه في حياتنا اليومية. حتى المغناطيسات القوية التي نجدها في الملحقات، مثل تلك الموجودة داخل شواحن “ماج سايف”، مصممة بعناية، ولا تؤثر على أداء الخلايا أو عمر البطارية.
ومع ذلك، فإن عدم تأثر البطارية مباشرة بالمغناطيس لا يعني أن جميع الظروف المرتبطة بالمغناطيس آمنة تمامًا. هناك عوامل أخرى لها تأثير واضح على البطارية، وأبرزها الحرارة التي يمكن أن ترتفع أثناء الشحن.

الحرارة: العامل الحقيقي الذي قد يؤثر على البطارية وليس المغناطيس بحد ذاته
عندما نستخدم شاحنًا مغناطيسيًا أو بطارية محمولة تُثبَّت خلف الجهاز، تكون المسافة بين سطح الهاتف والملحق صغيرة جدًا، وكثير من المستخدمين لا ينتبهون لارتفاع الحرارة أثناء الشحن. الحرارة هي العامل الأكثر تأثيرًا على عمر البطارية، وهي التي قد تضعف أداؤها مع الوقت إذا تكررت.
الحرارة المرتفعة أثناء الشحن اللاسلكي ليست بسبب المغناطيس، بل بسبب طريقة انتقال الطاقة. الشحن السلكي يمرّ بالطاقة عبر الكابل مباشرة، أما الشحن اللاسلكي فيعتمد على حركة ملفّات الشحن داخل الشاحن والهاتف، وهذا يستهلك طاقة أكبر ويولد حرارة إضافية. ومع اقتراب البطارية من مصدر الحرارة، قد يبدأ عمرها في الانخفاض تدريجيًا.
وهنا يحدث الخلط: البعض يظن أن المغناطيس هو سبب المشكلة، بينما المشكلة الحقيقية هي الحرارة الناتجة عن الشحن اللاسلكي، خصوصًا في الأماكن الحارة أو عندما نستخدم الشاحن في وضعيات تمنع التهوية.
باختصار، ما يضر البطارية هو الحرارة.
هل يمكن للمغناطيس أن يؤثر على مستشعرات الآيفون؟
مكوّنات الآيفون الداخلية ليست كلها متساوية في مقاومتها للمغناطيس. فهناك مكوّنات تعتمد على الحساسية للاتجاهات مثل البوصلة، وبعض الأنظمة الفرعية داخل الجهاز قد تتأثر إذا وضعنا مغناطيسًا قويًا جدًا أو غير مخصص للاستخدام مع الهواتف.
لكن علينا الانتباه إلى نقطة مهمة:
الهاتف نفسه يحتوي على مغناطيسات داخلية، مثل المغناطيس المستخدم في الشحن اللاسلكي، ومغناطيسات صغيرة في نظام الصوت، وأخرى لتثبيت بعض الملحقات. هذا يعني أن الهاتف مصمم أصلًا للتعامل مع وجود المغناطيس بالقرب منه، وأن المكوّنات الأساسية محمية من تأثيره.
التأثيرات الممكنة للمغناطيس القوي غير المخصص تشمل:
- انحراف بسيط في البوصلة الرقمية
- تغيّر مؤقت في اتجاه الخرائط
- ضعف بسيط في دقة المستشعرات إذا التصق المغناطيس مباشرة بمناطق حساسة
لكن كل هذه التأثيرات مؤقتة، وتزول بمجرد إزالة المغناطيس، ولا علاقة لها بالبطارية على الإطلاق.
هل يمكن أن يسبب المغناطيس تلفًا مباشرًا للبطارية؟ الحالات النادرة فقط
رغم أن المغناطيس العادي لا يشكل أي خطر، إلا أن هناك حالات محدودة قد تسبب مشكلة، وهي حالات غير شائعة لكنها تستحق الذكر:
1. استخدام مغناطيسات قوية جدًا وغير مخصصة للإلكترونيات
بعض أنواع المغناطيس الصناعي الشديد القوة، مثل مغناطيس النيوديميوم الكبير المستخدم في المعدات، قد تسبب ضغطًا على جسم الهاتف أو تؤثر على بعض المكونات لو تم لصقها مباشرة لوقت طويل.
هذه المغناطيسات لا تُستخدم عادة مع الهواتف، لكنها قد تسبب ضررًا إذا كانت قريبة جدًا من الجهاز.
2. الحرارة الناتجة عن الشحن اللاسلكي المغناطيسي
هذه ليست مشكلة المغناطيس، لكنها مشكلة حرارة تزداد بسبب قرب البطارية من ملف الشحن.
3. ملحقات رديئة لا تراعي تصميم الآيفون
بعض الملحقات الرخيصة تحتوي على مغناطيسات غير مستوية أو غير موزعة بالتساوي، ما قد يسبب احتكاكًا أو ضغطًا على ظهر الهاتف، أو يرفع درجة الحرارة أثناء التشغيل.
في المجمل، لا توجد أي طريقة يمكن للمغناطيس العادي من خلالها أن يسبب تلفًا داخليًا للبطارية، إلا إذا كانت الظروف غير طبيعية أو إذا كان الملحق رديئًا.
أفضل الممارسات عند استخدام الملحقات المغناطيسية لتجنب أي ضرر
حتى نحافظ على البطارية ونتجنب أي تأثير سلبي غير مرغوب فيه، يمكننا اتباع مجموعة من الخطوات البسيطة:
1. اختيار ملحقات معتمدة ومناسبة للآيفون
الملحقات المعتمدة تتبع نفس قوة المغناطيس المستخدمة في تصميم الهاتف، ما يضمن توافقًا كاملًا.
2. مراقبة حرارة الهاتف أثناء الشحن
إذا لاحظنا أن الجهاز يسخن بشكل كبير، من الأفضل إزالة الملحق وترك الهاتف يبرد قليلًا.
3. تجنب استخدام مغناطيسات غير مخصصة
مثل قطع معدنية أو مغناطيسات تزيينية قوية.
4. عدم ترك الهاتف على شاحن مغناطيسي لفترات طويلة جدًا
حتى لو كان الملحق آمنًا، فإن الحرارة التراكمية ليست جيدة للبطارية.
5. الحفاظ على نظافة ظهر الهاتف والمنطقة المغناطيسية
الغبار بين ظهر الهاتف والملحق قد يسبب احتكاكًا يرفع الحرارة.
لماذا تستخدم الشركة المصنعة المغناطيس داخل الآيفون إذا كان هناك خطر؟
وجود المغناطيس داخل تصميم الهاتف يؤكد أنه آمن تمامًا. الشركة لا يمكن أن تضع عنصرًا خطرًا قرب مكوّن حساس مثل البطارية. وجود المغناطيس يحقق فوائد مهمة، مثل:
- تثبيت الشاحن على الهاتف بدقة
- تحسين سرعة الشحن اللاسلكي
- منع إهدار الطاقة
- ضمان عدم تحرك الهاتف أثناء الشحن
- دعم الملحقات المحمولة بطريقة آمنة
هذه النقاط وحدها تكفي لتوضيح أن المغناطيس ليس خطرًا على البطارية، وأن تصميم الهاتف مبني أصلًا للتعامل معه.
بعد تحليل كل العوامل، نستطيع أن نقول بثقة إن المغناطيس لا يشكل خطرًا مباشرًا على بطارية الآيفون، ولا يمكنه إتلاف الخلايا أو تقليل عمرها. الخطر الحقيقي يأتي من الحرارة التي قد تنتج أثناء الشحن اللاسلكي المغناطيسي، أو من الملحقات الرديئة التي لا تراعي مقاييس الأمان.
باختصار، المغناطيس نفسه آمن، والاستخدام الصحيح للملحقات المعتمدة يحافظ على البطارية ويضمن عمل الهاتف دون أي مشكلة.