اختفاء النوتش في آيفون: آبل تقترب من شاشة كاملة بلا ثقوب في الجيل القادم

منذ ظهور النوتش في آيفون سنة 2017، انقسم المستخدمون إلى فريقين: فريق قبله كجزء من تصميم الهاتف الجديد، وفريق آخر لم يعتد عليه يومًا واعتبره تفصيلًا مزعجًا يقف في وجه تجربة شاشة نظيفة وممتدة. ومع مرور السنوات ظل هذا النقاش حاضرًا، خاصة أن الهواتف المنافسة تقدّمت في تقنيات إخفاء الكاميرات والمستشعرات داخل الشاشة. واليوم، يبدو أن آبل تتحرّك بخطوات أوضح نحو إنهاء هذا الجدل، عبر العمل على نموذج جديد لشاشة أمامية بلا قطع على الإطلاق. وهذا ما يجعل الخبر مهمًا لكل من كان ينتظر لحظة اختفاء النوتش نهائيًا من آيفون.
في هذا المقال الطويل، سنشرح ما الذي يحدث داخل آبل، ولماذا يعود موضوع النوتش بقوة، وما التقنيات التي قد تسمح بإزالته، وما الأمور التي ربما تؤخّر وصول الشاشة الكاملة، ولماذا قد يكون عام 2026 أو 2027 بداية مرحلة جديدة في تصميم آيفون. وسنتناول أيضًا تأثير هذا التغيير على تجربة الاستخدام، والألعاب، والصور، وفيديوهات منصّات التواصل، إضافة إلى رأي المصممين والمطوّرين، وما يعنيه ذلك لسوق الهواتف الذكية.
لماذا ظهرالنوتش في آيفون أساسًا؟
النوتش في آيفون هو الجزء البارز أعلى الشاشة، وهو منطقة صغيرة بارزة تحتوي على الكاميرا الأمامية ومستشعرات Face ID.ببساطة، هو الشكل الذي يقطع الشاشة من الأعلى، ويظهر في بعض هواتف آيفون منذ iPhone X، ويُعرف بالإنجليزية باسم Notch.
قبل الحديث عن اختفاء النوتش، من المهم تذكّر سبب ظهوره. عندما طرحت آبل آيفون X، كان هدفها تقديم طريقة جديدة لفتح الهاتف عبر الوجه بدل قارئ البصمة. ولتحقيق ذلك احتاجت الشركة إلى مستشعرات متقدّمة تعمل مع الأشعة تحت الحمراء، وكاميرات وحساسات تتعرّف على عمق الوجه بدقة عالية. وضع هذه القطع داخل إطار نحيف لم يكن ممكنًا، لذلك أنشأت آبل تقطيعًا أعلى الشاشة يجمع كل هذه المكوّنات.
النوتش في آيفون لم يكن مجرد شكل، بل كان جزءًا من بنية أمنية معقّدة. وكانت آبل دائمًا تفضّل الحفاظ على الدقة بدل التضحية بالأمان لأجل شكل أنيق. ومع أن شركات كثيرة قلّلت من حجم النتوء أو نقلت الكاميرا داخل فتحة صغيرة جدًا، إلا أن ذلك لم يكن متاحًا لآبل بسبب طبيعة مستشعرات Face ID التي تحتاج مساحة أكبر.
لكن مع تطور التقنيات في السنوات الأخيرة، بدأت الشركات تجد حلولًا لدمج الكاميرات أسفل الشاشة، وبدأت آبل بدورها في اختبار مسارات جديدة قد تسمح بإزالة النوتش دون التأثير على جودة الصورة والأمان.

من النوتش إلى الجزيرة التفاعلية… وما بعدها
عندما ظهرت “الجزيرة التفاعلية” في آيفون 14 برو، اعتبر كثيرون أنها خطوة أولى نحو التخلص من النوتش. صحيح أن الجزيرة ما زالت فتحة في الشاشة، لكنها أصبحت جزءًا من واجهة النظام بدل أن تكون عنصرًا بصريًا منفصلًا. لكن رغم نجاح الفكرة، ظل المستخدمون يتساءلون: لماذا لا تختفي الفتحة بالكامل ونحصل على شاشة كاملة بلا أي عناصر ظاهرة؟
الجواب بسيط: التقنية لم تكن جاهزة بعد. آبل كانت تختبر خيارات إخفاء الكاميرا ومستشعرات Face ID داخل الشاشة، لكنها لم تصل إلى مستوى الجودة التي تسمح بطرحها لملايين المستخدمين. الكاميرا تحت الشاشة تعمل، لكن تحتاج إلى معالجة إضافية لضمان صورة واضحة عند التصوير، لأن طبقة الشاشة تعيق كمية الضوء التي تدخل للعدسة. أما مستشعرات العمق، فالمعادلة أكثر تعقيدًا لأنها تعتمد على الضوء غير المرئي والمسافة بين النقاط.
لهذا السبب بقيت الجزيرة التفاعلية حلًا مؤقتًا: نقل الفتحة إلى منطقة طافية ومزجها مع النظام حتى تبدو جزءًا منه. لكنها ليست نهاية المطاف.
ما الذي تغيّر اليوم؟
الخبر المهم هو أن آبل أصبحت الآن أقرب من أي وقت مضى لإخفاء كاميرا السيلفي ومكوّنات Face ID داخل الشاشة. الشركات المزوِّدة لشاشات آيفون تعمل على طبقات زجاجية تسمح بمرور الضوء للكاميرا عند الحاجة، وتخفيها عند عدم الاستخدام. ومع أن بعض الهواتف الصينية جرّبت ذلك من قبل، إلا أن نتائجها كانت محدودة من ناحية نقاء الصورة ووضوح التفاصيل، خاصة في الإضاءة المنخفضة.
آبل، من جهتها، ترفض اعتماد أي حل نصف ناضج. ووفقًا للمعلومات التي تتسرّب من سلاسل التوريد، فإن الشركة تعمل على جيل جديد من الكاميرات مدمجة تحت الشاشة بجودة أقرب للكاميرا المكشوفة. هذا التطور وحده قد يكون الشرط الأساسي للانتقال إلى شاشة كاملة دون جزيرة أو نتوء.
والأهم من ذلك أن آبل تختبر أيضًا أساليب جديدة لإخفاء مستشعرات Face ID أسفل الشاشة، وهو الجزء الأصعب تقنيًا. بعض التقارير تشير إلى أن الشركة نجحت في نقل جزء من المستشعرات، بينما ما يزال جزء آخر يحتاج وقتًا إضافيًا.
متى قد نرى أول آيفون بشاشة كاملة؟
إذا سار كل شيء كما تخطط آبل، فقد نرى أول آيفون بلا أي فتحة في الشاشة بين عامي 2026 و2027. وهذا توقّع منطقي لأن الشركة لا تُسرِع هذه الخطوات، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالأمان. وكل معالج جديد أو شاشة جديدة تحتاج إلى أعوام من الاختبار لضمان ثبات الأداء.
ولأن آبل تعتمد استراتيجية التدرّج، فمن المحتمل أن الخطوة الأولى ستكون إخفاء الكاميرا فقط بينما تبقى مستشعرات Face ID في فتحة صغيرة جدًا. وبعد عام أو اثنين، عندما تصبح التقنية جاهزة، تنتقل الشركة إلى شاشة متكاملة بالكامل.
كيف سيؤثر اختفاء النوتش في آيفون على تجربة المستخدم؟
1. مساحة عرض أكبر دون تكبير الهاتف
اختفاء النتوء يعني الحصول على شاشة ممتدة من الحافة إلى الحافة. وهذا يمنح المستخدم مساحة عرض أكبر لقراءة النصوص، ومشاهدة الفيديوهات، واستخدام التطبيقات. كل ذلك دون الحاجة إلى زيادة حجم الهاتف.
2. تجربة فيديو وصور أفضل
الفيديوهات في وضع ملء الشاشة ستصبح أجمل، لأن الصورة لن تُقطع من الأعلى. وهذا مفيد لمشاهدة المحتوى على يوتيوب أو منصّات البث. الألعاب كذلك ستستفيد كثيرًا لأن زاوية الرؤية لن تُحجب.
3. تصميم أبسط وأكثر أناقة
بعض المستخدمين لم يعتادوا على شكل النوتش حتى بعد سنوات. شاشة كاملة قد تكون التغيير الذي يجعل الهاتف يبدو مختلفًا من الوهلة الأولى.
4. تأثير على التطبيقات
المطوّرون سيستفيدون من مساحة عرض واضحة دون منطقة مخصّصة للجزيرة أوالنوتش. وهذا يسهّل تصميم الواجهات، خصوصًا التطبيقات التي تعتمد على محتوى كامل الشاشة مثل الخرائط، والكاميرا، والألعاب.

التحديات التي ما تزال تعيق الوصول إلى شاشة كاملة
التغيير ليس بسيطًا، وهناك ثلاثة تحديات رئيسية أمام آبل:
1. نقاء الكاميرا تحت الشاشة
الصور في الإضاءة المنخفضة قد تتأثر لأن الشاشة فوق الكاميرا تقلل دخول الضوء. الشركات تحاول حل ذلك عبر طبقات شفافة خاصة، لكن الحل ليس مثاليًا بعد.
2. مستشعرات Face ID
هذه المستشعرات تحتاج دقة عالية جدًا. أي تشويش في الإشارة يضر بأمان الهاتف، وهو ما ترفض آبل التساهل فيه تمامًا.
3. التكلفة
دمج هذه التقنيات داخل الشاشة مكلف جدًا. وقد تضطر آبل لطرحه أولًا في نسخة “برو ماكس” ثم تعميمه لاحقًا.
لماذا يهتم المستخدمون بتغيير النوتش في آيفون ؟
رغم أن النوتش في آيفون لا يعطّل استخدام الهاتف، إلا أن الناس يميلون دائمًا للتصاميم البسيطة والخفيفة بصريًا. كلما قلت العناصر على الشاشة، أصبحت التجربة مريحة أكثر. وهناك شعور نفسي بأن الشاشة الكاملة تقدم انغماسًا أفضل في المحتوى، سواء في الفيديوهات أو قراءة النصوص أو الألعاب.
كما أن المستخدمين اعتادوا رؤية الهواتف المنافسة من دون نتوء، وطبيعي أن يتساءلوا: لماذا لا يفعل آيفون الشيء نفسه؟ ولذلك فإن اختفاء النتوء أصبح بالنسبة للبعض معيارًا ينتظرونه منذ سنوات.
كيف سيؤثر هذا التغيير على سوق الهواتف الذكية؟
آبل ليست أول شركة تعمل على إخفاء الكاميرا تحت الشاشة، لكن تأثير قراراتها عادة يكون الأكبر. عندما تتبنّى آبل تقنية جديدة وتنجح فيها، تصبح معيارًا في السوق. وهذا يعني أن شركات كثيرة ستعيد ترتيب أولوياتها وتطوّر تقنيات مشابهة بمحاولة اللحاق بالمنافسة.
ولأن آبل تركز عادة على الجودة وليس مجرد المظهر، فإن وصولها إلى شاشة بلا نتوء سيجبر الشركات الأخرى على تطوير حلول أكثر نضجًا، بدل الاكتفاء بتجارب محدودة.
ماذا عن متانة الشاشة؟
من المخاوف التي يتحدث عنها البعض أن إدخال طبقات شفافة فوق الكاميرا قد يجعل الشاشة أكثر هشاشة. لكن الواقع هو أن آبل تمنح أهمية كبيرة للمتانة، وغالبًا ستستخدم زجاجًا خاصًا مقاومًا للخدوش والصدمات، وقد تقدم جيلًا جديدًا من حماية الشاشة بالتزامن مع هذا التغيير.
هل سيؤثر ذلك على عمر البطارية؟
لا علاقة مباشرة بين اختفاء النتوء وبين استهلاك الطاقة، لكن وجود مستشعرات تحت الشاشة قد يتطلب معالجًا جديدًا لإدارة الإضاءة والتصوير بدقة. وهذا قد يدفع آبل لتطوير معالج أكثر كفاءة لتوفير استهلاك الطاقة، وهو أمر يحدث عادة كل عام.
ما الذي يعنيه هذا التصميم لمستقبل آيفون؟
اختفاء النتوء ليس تغييرًا تجميليًا فقط. بل يمهّد لتقنيات أخرى مثل:
- الشاشات المرنة القابلة للانحناء
- الجيل الجديد من الكاميرات الأمامية
- تحسينات كبيرة في تسجيل الفيديو
- تجربة واقع معزز أوضح لأن المستشعرات ستعمل خلف الشاشة
كلها خطوات تشير إلى أن آبل تفكر في شكل الهاتف لسنوات طويلة، وليس مجرّد إصدار واحد.
هل تستغني آبل عن Face ID؟
لا. الكثير من الشائعات تتحدث عن عودة قارئ البصمة تحت الشاشة، لكن آبل لا ترغب في التخلي عن Face ID لأنه أكثر أمانًا. الحل ليس إزالة التقنية، بل إخفاؤها داخل الشاشة دون أن يشعر المستخدم بوجودها.
إذا كنت لا تحب النتوء أو حتى الجزيرة التفاعلية، فالأخبار اليوم في صالحك. آبل تقترب خطوة بعد خطوة من شاشة كاملة بلا أي قطع، وتعمل على تقنيات تضمن جودة الكاميرا وأمان Face ID دون التضحية بتجربة الاستخدام.
التغيير قد لا يصل هذا العام مباشرة، لكن المؤشرات الحالية واضحة:
آيفون مقبل على مرحلة جديدة في تصميمه. مرحلة تعتمد على شاشة نظيفة بالكامل، تجربة عرض أفضل، شكل أكثر بساطة، وواجهة أمامية بلا أي عناصر ظاهرة.
وهذا التغيير، رغم بساطته الظاهرية، قد يكون من أكثر التغييرات التي ينتظرها المستخدمون منذ سنوات.