آبل وتحدي الهاتف القابل للطي: ماذا ينتظر مستخدمي الآيفون؟

منذ أكثر من 15 عاماً، شكّل الآيفون القلب النابض لنجاح آبل.لكن في السنوات الأخيرة، بدأت ملامح التغيير تظهر بوضوح: سوق الهواتف الذكية أصبح مشبعاً، والمنافسة لم تعد تدور حول من يملك الكاميرا الأفضل، بل حول من يقدّم تجربة مختلفة كلياً.
وهنا يظهر السؤال الذي يشغل عشاق التقنية: هل آبل فعلاً تستعد لإطلاق أول آيفون قابل للطي؟
بين التسريبات والتوقعات، هناك إشارات كثيرة توحي بأن الشركة تعيد التفكير في شكل الآيفون القادم — ليس من الخارج فقط، بل من الداخل أيضاً.
مرحلة النضج: عندما يصبح الابتكار أكثر هدوءاً
خلال العقد الماضي، اعتمدت آبل على نمط ثابت في تطوير الآيفون: تحسين الكاميرا، رفع الأداء، وتطوير الشاشة.
لكن هذه التحديثات باتت متوقعة. المستخدم لم يعد ينبهر بسهولة، والسوق لم يعد يستجيب بنفس الحماس.
آبل تدرك أن استمرارها في الاعتماد على نفس الصيغة لن يضمن النمو إلى الأبد.
لهذا السبب، بدأت منذ عامين في دراسة اتجاهات جديدة مثل الشاشات القابلة للطي، الذكاء الاصطناعي المدمج، والهواتف الشفافة.
لكنها، كعادتها، لا تتسرع. فلسفتها قائمة على انتظار النضج التقني الكامل قبل الإطلاق.
شاشات قابلة للطي: التحدي الكبير
حتى الآن، الشركات المنافسة مثل سامسونغ وهواوي قطعت شوطاً كبيراً في الهواتف القابلة للطي.
لكن رغم التقدم، لا تزال تلك الأجهزة تعاني من مشكلات في المتانة، الطيّات على الشاشة، والعمر الطويل للمفصل.
آبل لا تريد أن تكرر تلك الأخطاء.
المهندسون داخل الشركة يعملون منذ فترة على تصميم مختلف كلياً، يُعتقد أنه سيجمع بين قوة آيفون التقليدي ومرونة الأجهزة القابلة للطي.
بعض التسريبات تشير إلى أن آبل تختبر نموذجاً بشاشتين منفصلتين تتصلان مغناطيسياً لتبدو وكأنها شاشة واحدة عند الفتح.
إن صحت هذه المعلومات، فهذا يعني أن آبل لا تسعى لمجرد “تقليد” سامسونغ، بل لإعادة تعريف فكرة الطيّ بطريقة تناسب فلسفتها في البساطة والمتانة.
التصميم: لا تغييرات جذرية… حتى اللحظة المناسبة
تصميم الآيفون ظلّ رمزاً للثبات في عالم يتغير بسرعة.
لكن آبل تعرف أن الجمال ليس في التغيير السريع، بل في التوقيت الدقيق.
يُقال إن فريق التصميم في كوبرتينو يعمل على نسخة جديدة بالكامل من الهيكل، تُستخدم فيها مواد مرنة خفيفة، مع مفصل داخلي خالٍ من الفجوات، ما يجعل الجهاز يبدو كقطعة واحدة حتى عند الطي.
ومع أن المشروع ما زال في مرحلة التطوير، إلا أن آبل بدأت بالفعل في تجهيز سلاسل التوريد للتعامل مع مكونات مختلفة عن المعتاد — وهو مؤشر قوي على أن الشركة تستعد لخطوة كبيرة.

لماذا الآن؟
التحول نحو الأجهزة القابلة للطي ليس مجرد سباق في الشكل.
إنه استجابة لتغيّر طريقة استخدام الناس لهواتفهم.
الشاشة الكبيرة أصبحت ضرورة للترفيه والعمل، لكن حجم الجيب لم يتغير.
هذا التناقض جعل فكرة الهاتف القابل للطي منطقية أكثر من أي وقت مضى.
آبل كانت تراقب السوق بصمت.
والآن، بعد أن وصلت تقنيات الشاشات المرنة إلى مستوى مقبول من الجودة، يبدو أن اللحظة المناسبة تقترب.
بل إن بعض المحللين يتوقعون أن آبل قد تكشف عن نموذج أولي خلال عام 2026، تمهيداً لإطلاق رسمي في العام التالي.
التحدي الحقيقي: البرمجيات
أكبر تحدي أمام آبل ليس في الطيّ نفسه، بل في نظام التشغيل. iOS مصمّم ليعمل على شاشة ثابتة.
لكن الهاتف القابل للطي يحتاج إلى واجهة مرنة تتغيّر بحسب وضع الجهاز: مفتوح أو مغلق.
وهنا يأتي دور التحديثات القادمة من iOS 19 وما بعده، والتي يُقال إنها ستتضمن دعماً لتجارب جديدة في تعدد المهام، وإدارة النوافذ، واستخدام الجهاز في أكثر من وضعية.
فإذا نجحت آبل في جعل النظام يعمل بسلاسة على شاشة قابلة للطي دون أي فوضى في التنقل أو التطبيقات، فستكون قد تفوّقت على كل من سبقها.
استراتيجية آبل: خطوة محسوبة لا مغامرة
آبل ليست من الشركات التي تقفز في المجهول.
عندما قدّمت أول آيفون عام 2007، لم يكن الهاتف الأول من نوعه، لكنه كان أول من “نجح فعلاً”.
وهذا ما تريد تكراره مع الفئة القابلة للطي.
هي تعرف أن الدخول الآن في هذا السوق المزدحم لن يضيف إلى صورتها شيئاً إن لم يكن المنتج متميزاً فعلاً.
لذلك، من المرجّح أن تنتظر عاماً أو اثنين حتى تصقل التجربة التقنية بشكل كامل قبل طرحها للمستخدمين.
الذكاء الاصطناعي والتكامل مع الأجهزة الأخرى
من النقاط المثيرة في مشروع آيفون القابل للطي هو التكامل مع منظومة آبل الكاملة.
التسريبات تشير إلى أن الجهاز سيعمل بتناغم مع نظارة آبل الذكية، ما يتيح للمستخدمين عرض الشاشة على مستوى النظر أثناء طي الهاتف.
كما ستعتمد آبل أكثر على الذكاء الاصطناعي لتحسين التفاعل مع الشاشة المزدوجة، مثل تقسيم المهام وتخصيص التجربة حسب وضع الجهاز.
الفكرة هنا ليست مجرد طيّ الجهاز، بل جعل كل لحظة استخدام أكثر طبيعية ومرونة.
هل سيتقبّل المستخدمون الفكرة؟
سؤال منطقي.
الكثير من مستخدمي آبل يحبون الثبات والبساطة، ولا يفضلون التغييرات الجذرية.
لكن الشركة تراهن على جيل جديد من المستخدمين، الذين يريدون هاتفاً عملياً يصلح للعمل والترفيه في نفس الوقت.
ومن يعرف آبل، يعرف أنها لن تطرح الجهاز إلا عندما تشعر أن التجربة “جاهزة” من كل النواحي.
حينها فقط، ستقدمه على أنه ليس مجرد هاتف قابل للطي، بل الجيل التالي من الآيفون.
التحول نحو آيفون قابل للطي لم يعد مجرد إشاعة.
كل المؤشرات تدل على أن آبل تعمل فعلاً على هذا المشروع، لكن بطريقتها الخاصة — الهادئة والمركّزة.
هي لا تسعى لتسبق الآخرين، بل لتقدّم شيئاً ناضجاً ومتكاملاً يستحق أن يحمل اسم “آيفون”.
وربما في السنوات القليلة القادمة، سنرى أول جهاز يغيّر شكل السوق من جديد، كما فعل الجيل الأول قبل أكثر من عقد.
الفرق الوحيد هذه المرة هو أن آبل تعرف تماماً أن الزمن تغيّر، والمنافسة أصعب، والمستخدم أكثر وعياً من أي وقت مضى.