آبل تخفّض تكاليف إنتاج آيفون القابل للطي: هل سينعكس ذلك على سعره للمستخدم؟

منذ سنوات، تدور الشائعات حول نية آبل دخول عالم الهواتف القابلة للطي. ورغم أن شركات مثل سامسونغ وهواوي سبقتها في هذا المجال، فإن آبل تتحرك عادة بخطى أبطأ، لكنها أكثر دقة. ومع الأخبار الأخيرة التي تشير إلى أن الشركة نجحت في خفض تكاليف إنتاج آيفون القابل للطي (iPhone Fold)، بدأ السؤال يطرح نفسه: هل سيستفيد المستخدم من ذلك فعلاً؟
بداية مشروع iPhone Fold: الحذر المعتاد من آبل
آبل ليست من الشركات التي تندفع نحو الاتجاهات التقنية بسرعة. في عالم الهواتف القابلة للطي، انتظرت سنوات طويلة قبل أن تبدأ فعليًا في تطوير نموذجها الخاص. السبب بسيط: آبل لا تطرح منتجًا جديدًا قبل أن تتأكد من جاهزيته التامة.
وفقًا لتقارير متعددة، الشركة تعمل على أكثر من تصميم، أحدهما يشبه iPad mini صغير الحجم يمكن طيه، والآخر أقرب في الشكل إلى iPhone التقليدي مع شاشة قابلة للطي من المنتصف. هذا التنوع في النماذج يعكس حرص آبل على اختبار التجربة من جميع الجوانب قبل اتخاذ القرار النهائي.
لماذا خفّضت آبل التكاليف الآن؟
خفض تكاليف الإنتاج ليس خطوة عشوائية. في العادة، تقوم آبل بإعادة هيكلة سلاسل التوريد عندما تقترب من إطلاق منتج جديد.
مصادر من داخل الصناعة تشير إلى أن الشركة وجدت طرقًا أكثر فعالية في تصنيع الشاشات القابلة للطي بالتعاون مع شركائها الآسيويين، خصوصًا LG Display وSamsung Display. هذه الشراكات سمحت بتقليل تكلفة المكونات الدقيقة مثل المفصلات والزجاج المرن، وهي من أغلى أجزاء الهاتف.
كما يُقال إن آبل نجحت في تطوير مفصل جديد أصغر وأقوى من المستخدم في أجهزة المنافسين، مع قدرة أعلى على مقاومة الغبار والانحناء المتكرر. هذا التحسين ساعدها في تقليل التكاليف دون المساس بالجودة، وهو أمر نادر في هذا المجال.
هل سيعني ذلك سعراً أقل للمستخدم؟
السؤال الذي يهم الجميع: إذا كانت آبل أنفقت أقل، هل سنشتري الجهاز بسعر أقل؟
الجواب الواقعي: ليس بالضرورة.
آبل معروفة بأنها لا تعتمد على تكلفة الإنتاج لتحديد السعر مباشرة. بدلًا من ذلك، تركز على القيمة التي ترى أنها تقدمها للمستخدم، وعلى موقع المنتج في السوق.
حتى لو نجحت الشركة في خفض تكلفة التصنيع بنسبة 15% أو 20%، فمن المرجح أن تظل أسعار iPhone Fold مرتفعة جدًا في الجيل الأول. السبب بسيط: الهاتف سيكون منتجًا فخمًا وتجريبيًا، يستهدف جمهورًا محدودًا يريد تجربة التكنولوجيا الجديدة، وليس السوق الواسع بعد.
تكلفة التطوير والبحث لا تُحسب بسهولة
الكثير من الناس يربطون بين سعر المنتج وتكلفة مكوناته فقط، لكن الواقع مختلف.
آبل تنفق مليارات الدولارات على الأبحاث، تطوير البرمجيات، اختبار المتانة، وضمان التكامل بين الأجهزة والأنظمة. هذه التكاليف غير المباشرة تدخل ضمن سعر أي منتج جديد.
لذلك، حتى مع انخفاض كلفة المواد والتجميع، ستظل الشركة بحاجة إلى تغطية استثماراتها في السنوات التي قضتها في تطوير هذا النوع من الأجهزة.
مقارنة مع المنافسين
إذا نظرنا إلى أسعار الأجهزة القابلة للطي في السوق اليوم، نجد أن سامسونغ Galaxy Z Fold6 يتجاوز 1800 دولار، بينما تقدم Honor وXiaomi نسخًا أقل سعرًا، لكنها تبقى فوق 1200 دولار.
من المتوقع أن يتراوح سعر آيفون القابل للطي في نسخته الأولى بين 1700 و2000 دولار، أي أنه سيحافظ على موقعه كمنتج فاخر.
لكن في المقابل، ما يميّز آبل عادة هو طول عمر أجهزتها، ودعمها بالتحديثات لسنوات طويلة، وهو ما يجعل السعر المرتفع أكثر قابلية للتبرير عند بعض المستخدمين.
ماذا نعرف عن تصميم iPhone Fold حتى الآن؟
رغم أن آبل لم تكشف رسميًا عن أي تفاصيل، إلا أن التسريبات تشير إلى عدة ملامح واضحة:
- شاشة OLED مرنة بمقاس يتراوح بين 7 و8 بوصات عند الفتح الكامل.
- مفصل داخلي جديد يتيح الطي بسلاسة دون ظهور تجعد واضح في المنتصف.
- دعم لتقنية Apple Pencil لتدوين الملاحظات والرسم.
- تصميم خارجي من الألمنيوم والتيتانيوم، شبيه بهيكل iPhone 15 Pro.
- واجهة نظام معدّلة خصيصًا لتعمل في وضع الشاشة المزدوجة، شبيهة بتجربة iPadOS.
هذه المميزات توحي بأن آبل لا تريد فقط صنع هاتف قابل للطي، بل منتجًا يجمع بين الهاتف واللوحي في جهاز واحد.
آبل تراهن على المتانة قبل الشكل
من بين أهم الانتقادات الموجهة للأجهزة القابلة للطي اليوم هي قلة متانتها.
الشاشات حساسة، والمفصلات تتأثر بالغبار بعد فترة قصيرة من الاستخدام.
آبل تدرك ذلك، ولهذا تُجري اختبارات مكثفة على مفصلات تدوم لأكثر من 200 ألف طية، أي ما يعادل استخدامًا يوميًا مكثفًا لمدة خمس سنوات على الأقل.
الشركة أيضًا تطور طبقة واقية جديدة للشاشة القابلة للطي مصنوعة من مزيج الزجاج والبلاستيك، لتكون أكثر مقاومة للخدوش من المنافسين.

من سيربح في النهاية؟ آبل أم المستخدم؟
إذا كانت آبل نجحت فعلًا في تقليل تكاليف الإنتاج، فهي بالتأكيد الرابح الأول.
لكن المستخدم قد يستفيد بشكل غير مباشر، ليس في السعر، بل في تحسين الجودة والتصميم والاستدامة.
عندما تقل تكلفة التصنيع، تستطيع الشركة الاستثمار أكثر في تحسين الأداء، البطارية، والمكونات الداخلية دون رفع السعر أكثر.
ومع مرور الوقت، ومع الجيلين الثاني والثالث من iPhone Fold، يمكن أن نرى الأسعار تبدأ بالانخفاض تدريجيًا.
توقيت الإطلاق المتوقع
بحسب معظم المحللين، لن يظهر iPhone Fold قبل عام 2026 على الأقل.
آبل تختبر حاليًا عدة نماذج داخلية، وبعضها ما زال في مرحلة التقييم الهندسي.
من المنطقي أن تنتظر الشركة حتى تنضج السوق أكثر، وحتى تُحسن تقنية المفصلات والشاشات القابلة للطي بما يكفي لتلبية معاييرها العالية.
مستقبل الهواتف القابلة للطي عند آبل
قد لا يكون iPhone Fold هو الهدف النهائي، بل خطوة نحو أجهزة هجينة جديدة.
تحدثت تقارير أن آبل تفكر في دمج فكرة الهاتف القابل للطي مع أجهزة iPad المستقبلية، بحيث يكون لدينا جهاز صغير يمكن طيه ليتحول من هاتف إلى لوحي في لحظة.
هذا الاتجاه يمكن أن يغير طريقة استخدامنا للأجهزة المحمولة، خصوصًا إذا استطاعت آبل دمج هذه التقنية بسلاسة في نظامها البيئي القوي الذي يشمل macOS وwatchOS وVisionOS.
خفض آبل لتكاليف إنتاج iPhone Fold لا يعني بالضرورة أننا سنحصل على سعر منخفض.
لكنه مؤشر على أن المشروع أصبح أقرب من أي وقت مضى إلى الواقع، وأن الشركة تجاوزت العقبات التقنية الكبرى التي كانت تعيق الإطلاق.
في النهاية، المستخدم سيستفيد من تطور التقنية نفسها، حتى لو لم يلمس ذلك في السعر من البداية. ومع الوقت، وكما حدث مع كل منتج جديد من آبل، ستتحسن الكفاءة وتنتشر المكونات، ما سيجعل الهواتف القابلة للطي أكثر انتشارًا وأقل تكلفة.