الايفون في 2025: لماذا ما زالت آبل متمسكة بنظام الصوت الموحّد رغم شكاوى الملايين؟

منذ إطلاق أول ايفون في عام 2007، حرصت آبل على تقديم تجربة استخدام بسيطة وسلسة قدر الإمكان، وهو ما ساعدها على جذب ملايين المستخدمين حول العالم. فلسفة الشركة تقوم على تقليل التعقيد وتقديم واجهة واضحة تخلو من الإعدادات المربكة. لكن هذه الفلسفة، رغم نجاحها، أوجدت قيودًا يعتبرها الكثيرون “عبثية” أو “غير منطقية”، ومن أبرزها نظام التحكم الموحّد في الصوت الذي يجمع بين نغمة الرنين، والإشعارات، والوسائط، في شريط واحد.
في عام 2025 ومع إصدار iOS 26، لا يزال هذا القيد موجودًا، ما أثار استياء عدد كبير من المستخدمين الذين يرون أن الوقت قد حان لتغيير هذه السياسة، خاصة وأن أنظمة التشغيل المنافسة مثل أندرويد توفر حرية التحكم في الصوت منذ أكثر من عقد.
ماهية المشكلة: الصوت الموحّد في الايفون
عند استخدام أزرار التحكم بالصوت في الايفون، يقوم النظام بضبط مستوى واحد ينطبق على جميع الأصوات تقريبًا:
- نغمة الرنين عند استقبال المكالمات.
- الإشعارات الصادرة عن التطبيقات المختلفة.
- وسائط الميديا مثل الفيديوهات والموسيقى والبودكاست.
- أصوات النظام مثل النقرات وأصوات القفل.
المشكلة تكمن في أن أي تغيير تقوم به في سياق معين ينعكس مباشرة على السياقات الأخرى. فإذا خفضت الصوت أثناء مشاهدة فيديو في مقهى، سيصبح رنين الهاتف منخفضًا أيضًا، ما قد يجعلك تفوت مكالمة مهمة. وبالعكس، إذا رفعت الصوت أثناء الاستماع إلى موسيقى، قد تجد الإشعارات تصدر أصواتًا عالية ومزعجة في أماكن هادئة.
المقارنة مع أندرويد: الحرية منذ أكثر من عقد
منذ عام 2011 تقريبًا، يوفر أندرويد فصلًا واضحًا لقنوات الصوت بحيث يمكن التحكم في كل فئة على حدة:
- وسائط (Media): تتحكم في الفيديوهات والموسيقى والألعاب.
- رنين (Ringtone): تتحكم في صوت المكالمات فقط.
- إشعارات (Notifications): تتحكم في تنبيهات التطبيقات.
- النظام (System): تتحكم في أصوات لوحة المفاتيح والعمليات الداخلية.
- المنبه (Alarm): تتحكم في صوت المنبه بشكل منفصل.
هذا الفصل يسمح للمستخدم، مثلاً، بجعل صوت المكالمات مرتفعًا جدًا، مع إبقاء أصوات الإشعارات منخفضة، أو حتى إيقافها تمامًا، دون التأثير على تشغيل الفيديوهات أو الموسيقى.
أسباب تمسك آبل بنظام الصوت الموحّد
- البساطة في التصميم
آبل تفضل أن تكون الإعدادات سهلة الفهم لكل المستخدمين، حتى لأولئك الذين لا يملكون خبرة تقنية. - تجربة موحّدة
الشركة تريد أن يشعر كل مستخدم، بغض النظر عن عمره أو خلفيته، أن التعامل مع الجهاز متشابه في كل مكان. - الأولوية لميزات أخرى
ربما ترى آبل أن تطوير مزايا مثل الكاميرا، الذكاء الاصطناعي، أو تحسين الأمان، أهم من إعادة هيكلة نظام الصوت. - تشجيع استخدام أوضاع التركيز (Focus)
بدلًا من إعطاء تحكم منفصل لكل قناة صوت، تدفع آبل المستخدمين إلى إعداد أوضاع مختلفة للتحكم في الإشعارات والصوت وفقًا للموقف، لكن هذه الأوضاع أكثر تعقيدًا من مجرد شريط صوت مستقل.
الآثار السلبية على تجربة المستخدم
نظام الصوت الموحّد يخلق عدة مشاكل في الحياة اليومية، مثل:
- إهدار المكالمات المهمة: شخص يشاهد فيديو على يوتيوب ويخفض الصوت، ثم ينسى رفعه، فيفقد اتصالًا عاجلًا من العمل.
- إزعاج الآخرين: مستخدم يرفع الصوت للاستماع إلى موسيقى، فيصدر إشعار واتساب بصوت مرتفع ومفاجئ في مكتبة أو قاعة محاضرات.
- الإرباك أثناء العروض أو الاجتماعات: عرض تقديمي على الهاتف يتطلب خفض الوسائط، لكن إشعارات البريد الإلكتروني تصدر أصواتًا مزعجة.
- انعدام المرونة: المستخدم الذي يريد الإبقاء على نغمة المكالمات مرتفعة، مع إسكات الإشعارات، لا يجد خيارًا مباشرًا لفعل ذلك.
آراء المجتمع التقني والمستخدمين
- على Reddit، تتكرر الشكاوى من هذه السياسة، ويصفها البعض بأنها “إصرار غير مبرر على تقييد حرية المستخدم”.
- في MacRumors، كتب أحد المستخدمين: “هذه الميزة موجودة في أندرويد منذ أن كنت في المدرسة الثانوية، والآن أنا أعمل ولا تزال آبل متأخرة!”.
- المراجعين التقنيين في يوتيوب أشاروا إلى أن هذه المشكلة لا تتماشى مع صورة آبل كـ”قائدة للابتكار”.
الحلول المؤقتة المتاحة حاليًا
- الوضع الصامت (Silent)
خيار سريع لكنه يوقف جميع الأصوات تقريبًا، بما فيها نغمة المكالمات. - أوضاع التركيز (Focus Modes)
يمكن إعداد وضع عمل أو نوم يمنع الإشعارات، لكن الإعدادات معقدة ولا تناسب كل المستخدمين. - اختصارات Siri Shortcuts
تسمح بتغيير الصوت تلقائيًا عند فتح تطبيق معين، لكنها لا تفصل كل القنوات. - تطبيقات طرف ثالث
معظمها لا يملك الصلاحية لتغيير طريقة عمل الصوت في iOS بسبب القيود الأمنية.
تحليل تجربة المستخدم (UX)
من منظور تجربة المستخدم، الفصل بين مستويات الصوت يعتبر من أساسيات التحكم الشخصي في الجهاز. الجمع بينها قد يكون مناسبًا لشريحة صغيرة تبحث عن البساطة، لكنه يقيد شريحة أكبر تبحث عن تخصيص أدق.
كما أن غياب هذه الميزة يقلل من قدرة الايفون على التكيف مع بيئات الاستخدام المتنوعة، مثل المكاتب، الأماكن العامة، أو المنزل.

سيناريوهات يومية توضح الإشكال
- طالب جامعي يشاهد محاضرة مسجلة ويخفض الصوت، فيفقد مكالمة من والده لأنه لم يسمع الرنين.
- موظف مبيعات يرفع الصوت للاستماع إلى رسالة صوتية من عميل، فيتلقى إشعارًا مزعجًا في اجتماع مهم.
- أم تريد إبقاء صوت المكالمات مرتفعًا في الليل للطوارئ، لكن تريد الإشعارات صامتة حتى لا توقظ أطفالها.
ماذا عن المستقبل؟
حتى الآن، لا توجد مؤشرات رسمية على أن آبل ستغير هذا النظام في iOS 27، لكن الضغوط المتزايدة من المستخدمين قد تدفع الشركة لإعادة النظر. بعض المحللين يرون أن إدخال هذا التغيير سيُعتبر من التحسينات “المحببة” التي قد تستخدمها آبل كإحدى ميزات التحديثات القادمة.
رغم أن الايفون يتفوق في مجالات كثيرة مثل الأداء، الأمان، والكاميرا، إلا أن مشكلة الصوت الموحّد تبقى نقطة ضعف واضحة في تجربة الاستخدام. وبينما يرى البعض أن البساطة أفضل، يرى آخرون أن حرية التحكم ضرورة أساسية.
إلى أن تتغير سياسة آبل، سيظل المستخدمون أمام خيارين: التكيف مع الوضع الحالي، أو البحث عن حلول معقدة وغير رسمية.